باتقع سهالة

لازلتُ في حلقة البوصلة القرآنية للدكتور نايف بن نهار، يقول اليوم أنه قرر التفرغ لدراسة موضوعٍ ما عبر القرآن الكريم، ونوى البدء من سورة البقرة، لكنه ولسببٍ ما راجع نفسه وقرر البدء بالفاتحة بنية البركة، لكنه مكث في سورة الفاتحة ستة أشهر.

أعتقد أن هذا ما هو إلا فتحٌ وتيسيرمن رب العالمين، مفتاحه كما قال “لماذا”، عندما تتدبر اِسأل لماذا في كل خطوة، ستفتح لك آفاقًا لم تكن تتخيلها، وكلما تمددت في تدبر الكتاب العظيم، فسيمتد معك إلى ما لا نهاية.

قبل منتصف العقد الماضي انتشرت صورة مرسومة لفتاة بالزي الشعبي الحضرمي مع عبارة باتقع سهالة، وهي عبارة حضرمية معناها: “إن مع العسر يسرًا”، وهي عبارة دارجة في عالمنا العربي بنفس المعنى ولكن بلهجات مختلفة، وعندما أبديت إعجابي بالعمل على تويتر تلك الأيام كانت صاحبته بالصدفة من متابعي حسابي، فشكرتني ندى  التي لا أذكر اسمها الكامل، موضحة أنها هي صاحبة العمل، ومع البحث وجدت حسابها على تمبلر، ومن هنا تولدت لدي فكرة مشروع يستخدم أعمال الفنانين في منتجات مختلفة يستفيد من الربح الفنان الذي أبدع العمل ونحن الذين حوّلنا العمل الفني إلى منتج يشتريه الناس. لم يرى المشروع النور لكنها كانت فترة من حياتي انشغلتُ فيها وتعرفتُ على أشخاص جدد وتعلمتُ منها أشياء كثيرة. كانت لدي شريكة في هذا المشروع، لم تصبر للنهاية وتركتني في منتصف الطريق، أعتقد أن هناك كثير من الأشياء التي تفاجئني في الناس، فقد كنا على وفاق -على ما يبدو – لكن ربما كانت تأمل شيئًا أكبر مما قدمتُه لها.

من الأشياء التي تفاجئني كذلك هي عندما أقابل شخصية تذكرني بأخرى أعرفها، وأحيانًا يكون التشابه لا بالشكل فقط ولكن في الشخصية كذلك، فقد قابلتُ قبل أيام في النادي الذي تذهب إليه ابنتي إحدى الأمهات التي حضرت مع طفلتها، كانت تشبه صديقة قديمة، وبينما هي تتحدث ظهرت لي مجموعة من الصفات التي تشبه صديقتي تلك. من خلال ميلها للنكتة مع محاولة التظاهر بشيء ليس أصيلاً فيها مع طريقة حديثها برفع الحاجبين، أحيانًا يكون الشبه غريبًا. رغم أن ذلك معروف منذ القدم في علم الفراسة، حيث أن بعض الصفات الخَلقية (في الشكل) تدل على صفات خُلُقية، فهناك مثلا دلالات على شخصية المرء بحسب لون عينيه أو شكل أنفه أو حاجبيه، وهذا يجعلني أتساءل: هل من المعقول أنه هناك صفة مشتركة موجودة في ملايين الأشخاص ذوي العيون الرمادية أو الزرقاء مثلا؟

هل تعرضت للرفض من قبل؟

قصة شريكتي التي تركتني كانت مؤلمة قليلاً، لكن هناك قصة أخرى حدثت الفترة الماضية، فقد بدأتُ العمل عن بُعد في شركة ما رغم أن المدير كان يرفض فكرة العمل عن بعد كليًّا لكنه وافق على رغبتي بعد أن عملتُ على مشروع تجريبي للشركة حاز على إعجابه. وبعد رحلة 3 أشهر قرر أنه لا يود توظيفي، لكنه لم يتحدث معي مباشرة، بل كلّف شخصًا من إدارة أخرى لم أتعامل معه من قبل بإبلاغي بقراره، لم أتوقع أن يأتي الرفض منهم، ورغم صدمتي إلا أنني لم أبدِ أي اعتراض ولم أسأل عن الأسباب، غادرتُ وأنا أحمل أسئلة وإجابات افتراضية، وهكذا انتهى الأمر دون أي أسباب ودون مواجهة.

قد تظن أن الحياة ستقف من دونك، لكنك حتمًا مخطئ، فالحياة ستستمر بك أو بدونك.

أحيانًا نسأل ونجد إجابات شافية، وأحيانًا تختبئ عنا، فإذا استحق الأمر بحثنا أكثر، وإذا لم يستحق تركناه، لكن الخواتيم المبتورة تظهر لنا بين الفينة والأخرى كدرس وعظة أو ربما كدعوة للتواضع.

وفي كل الأحوال أؤمن أنها باتقع سهالة، أو كما يقول جدي رحمه الله: “لا يغلب عسرٌ يُسرَين”، “فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا”.

أضف تعليق

بدء مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑