غسلت شعري في حمام المستشفى!
هذه لحظة أخلدها في تاريخي، ليس لصعوبتها العملية، فالغرفة في المستشفى غرفة فندقية، مضافًا إليها الأجهزة الطبية والممرضات والأدوية، لكن الاستحمام بدون الأدوات والمستحضرات التي اعتدت عليها عملية ثقيلة مزعجة.
لما خرجت لبست فوطة (تنورة) تشبه التي كنتُ أرتديها قبل الاستحمام، وأمسكتُ بطرفها ناظرة إلى أمي وقلت: مابا بديل.
ولكي أشرح الفكرة فإن اللبس التقليدي لوالدتي هو الدرع العدني الذي تلبس تحته فوطة لتمام الستر، والفوطة هي كالتنانير القطنية التي تسمى برودري سكيرت، مريحة وناعمة وواسعة، وأحبها لأنها تذكرني بوالدتي التي أصبحت تحتفظ لي بالمميز منها لألبسه.
قلت لأمي أنني مابا بديل عن هذه التنانير، وتذكرت أغنية محمد سعد عبدالله التي تحبها والدتي، فأخرجت هاتفي وفتحت الأغنية:
هاجري حبه على رغم الحسود.. مابا بديل
خاف يرحمني ودمعي في الخدود.. منه يسيل
هلي ياسعد من شافه.. مهَلّا كاملة أوصافه
ألا والنبي ياناس مابا بديل
فلتت ضحكة حنين خفيفة من والدتي عندما ميزت اللحن، وقالت ان الكلمات جميلة لكن صعب يفهموها اليوم.
سألتُها: ما معنى مهلّا؟
قالت يعني الناعم الطري
قلت يعني مهلبية.. فضحكت موافِقة على كلامي.
مضت على والدتي أيام صعبة، ومع بدء المرحلة الأولى من العلاج تحسنت صحتها الحمدلله، وعندما وجدت نفسها تستطيع الكلام طلبت مني الاتصال بأقرب صديقاتها، وكانت لحظات مؤثرة مخلوطة بالدموع، و”والله ودي لو أطير لعندك ماقدرت أوصل لك”، و”احنا نتعلم الصبر منك”، و”ماكنت أدري اني أحبك الحب دا كله، عملتيلي دنبوشي”، والكلمة المشتركة كانت ” حيا وسهلا بذا الصوت”.
قالت خديجة في تدوينتها: “لولا سموم القيظ ما جاد النخيل”. وقلتُ تعليقًا عليها: “ما بعد برد الشتا إلا نسمات الربيع”. ولسان حالنا نحن الاثنتين يقول: “وانا فدوة لعيونه السود،، مابا بديل”.

أضف تعليق