منين بييجي الشجن؟

استيقظت اليوم صباحاً لا أود أن أترك السرير، لكن الطفلة التي بجواري تناديني كي أحضر لها الحليب وأبدل ثيابها. ما أن ارتدت ثياب الصباح حتى أتى والدها ليأخذها في نزهتها الصباحية. نهضت من سريري، وبدأت طقوس الصباح الروتينية.

دخلت إلى المطبخ لتحضير الإفطار، وفتحت قائمة تشغيل بعنوان “وسيعات المظاليل”. بدأت الأغاني تصدح في المطبخ بعد أن أغلقت الباب كي لا أوقظ الأولاد، واندمجت معها وأنا أقطع البصل والطماطم لصنع البيض بالطماطم. فكرت أنني لا أشتهي تناول إفطار دسم، وسأكتفي بالجبن والزيتون. وبينما حضرت لهم ترمس شاي عدني، صنعت لنفسي كوب شاي أحمر.

نضج البيض لكنهم لم يأتوا من نزهتهم بعد، فجلست أتناول إفطاري بينما أغنية “لو حبنا غلطة” تشتغل في الخلفية. أخذت أتصفح اليوتيوب فوجدت مقطعا من مسلسل أهل الغرام السوري تم تركيب الأغنية عليه. أخذت أشاهد المقطع واندمجت معه حتى أتى الجميع لتناول الإفطار، فأغلقت الفيديو وكنت قد أنهيت إفطاري لكنني بقيت لأطعم الصغيرة مع إحساس غريب بداخلي. وكأن هناك ريح تهب وتحرك بابًا خشبيًا خفيفًا، كلما هبت الريح اهتز وارتجف بداخلي، ويسكن إذا سكنت الريح. حتى إذا ما هبت ثانية عاد للارتجاف معها مرة أخرى.

دخلت غرفتي وسمعت صوتًا بداخلي يردد: “كل دقة قلب فيني لك قصيدة

تكفي الدنيا مع الأحباب غنوة

وكل هاجس ما يجيب إلا خيالك

سلوتي بالعمر في صحوة وغفوة”

لم أعرف من أين أتى هذا الصوت، لكنه ترافق مع إحساس الشجن الغريب. عصرت ذاكرتي فتذكرت اسم الأغنية، وجلست أستمع إليها بعد أن أضفتها لقائمة الشجن على ساونكلاود.


https://soundcloud.app.goo.gl/kdrwz

منين بييجي الشجن؟

طرح هذا السؤال سيد حجاب في تتر مسلسل ليالي الحلمية، وأجاب عليه إجابة بحاجة إلى جواب: “منين بييجي الشجن؟ من اختلاف الزمن”. بحثت عن معنى الشجن فلم إجد إجابة شافية إلا في مقال للأستاذ محمد الفخراني. يقول: “يأتى الحزن، ويمضى، تأتى السعادة، وتمضى، لأنهما فى النهاية ثقيلان، لا يمكنهما أن يكونا مقيمين، ولن يكونا محتملين لو فعلا، هما عارضان فى الحياة، الشجن خفيف، شفاف، يبقى طافيًا بداخلنا فى مكان ما، يليق به أن يقيم فينا، ونليق به، يمكنه أن يظهر عدة مرات فى اليوم الواحد، ولعدة أيام فى المرة الواحدة، دون أن يسبب أىّ ارتباك أو قلق، بل سيكون مطَمْئنًا وجميلاً فى كل ظهور له، وهذا ما لا يمكن للحزن أو السعادة أن يفعلاه، هما بدون الشجن يفقدان عمقهما، ويضيعان من ذاكرة القلب.”

وقع كلامه في قلبي؛ فالشجن ليس حزنا ولا سعادة، ليس فرحًا ولا شقاء، هو شعور عميق مليء بالذكريات، لكنه في نفس الوقت أنيق ولذيذ ومهذب. من أين يأتي الشجن؟ لا أعرف. كل ما أعرفه هو أنني أشعر بالشجن الآن وفي هذه اللحظة. وأتوقع أن هناك آخرين يشعرون بنفس الشعور؛ بدون سبب محدد، ربما أرواح لا تعرف بعضها، لكنها تشترك في نفس الخصائص والصفات، قررت أنها ستتضامن مع بعضها وتعلن الشجن، فإذا كنت منها فأهلاً بك بيننا.

ملاحظة: هذه أول تدوينة أكتبها على الجوال وفي مكان عام.

رأيان حول “منين بييجي الشجن؟

اضافة لك

أضف تعليق

بدء مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑