لديك رسالة جديدة!

“-  يابابا يا بابا، بكرة عيد ميلادي!

  • عايز إيه؟ فهمني؟”

الحقيقة أنه كان عيدميلادي قبل أيام، أما عايزة إيه؟ فلا أعرف.

أو لحظة، أعرف أنني أريد الكتابة والإنتاج أكثر مما أقوم به هذه الأيام. أريد ممارسة الرياضة، ولا أحب الذهاب للنوادي الرياضية، أريد أن أنوّع علاقاتي وأتواصل مع الناس أكثر، أريد أن أجد كتبًا جيدة وأستمتع بقراءتها، أريد أن أستمر في الاستيقاظ مع الفجر، وأظل إلى ما بعد صلاة العِشاء.

أحيانًا يتسنى لي ممارسة رياضة المشي لعشر دقائق أو ربع ساعة، وذلك بسبب أنني أذهب لإحضار ابنتي من المدرسة، هي ليست مدرسة ولكنها دار تحفيظ قرآن تدرس الأطفال الروضة والتمهيدي، وتدرس الكبار القرآن. ممتنة لوجود مثل هذه الدار في موقع قريب من بيتي، لأنني حاليًا أحضرها منها سيرًا على الأقدام، كما أن ابنتي تعلمت القاعدة النورانية ويبدو أنها أُغرمت بها، إذ كلما شعرت بالملل فتحت حقيبتها وأخرجت صفحات الكتاب الذي تمزق من كثرة القراءة فيه، لتعيد ترديد ما حفظت، وتحاول قراءة الدروس المتقدمة منه لتسألني عن معنى الكلمات التي لم تفهمها، ويبدو أن كلمة “سَفِهَ” أثرت في وجدانها، لأنها تسألني عن معناها وأحاول تقريب المعنى لها فأقول تعني أن الشخص يتصرف تصرفات مزعجة. فإذا بها تأتيني بعد أيام تقول أنها تريد أن يصبح عمرها خمسين “حتى أصير سفِهَ، نفسك بالضبط!”، ولا أعرف إهانة وُجِّهت لي في حياتي أقسى من هذه الإهانة.

في وقتٍ سابق كان لدي مشروع أعمل عليه، فقررتٌ عدم العودة للنوم بعد ذهاب ابنتي للمدرسة، وهنا كان الفتح العظيم، وفعلا بارك الله لأمتي في بكورها. أحببتُ الاستيقاظ في وقتٍ مبكر، ففيه تزداد قدرتي على التركيز وأنجز أكثر من أي وقت آخر في اليوم. أما إن لم يكن لدي عمل مستعجل فإنني أسأل نفسي إن كانت بحاجة إلى النوم أم لا، ولا أجبرها لأننا في هذه الأيام نعاني من زكام الشتاء، فالراحة هي أفضل طريقة للتخفيف من وطأته.

شاهدتُ مؤخرًا فيلم يو هاف جوت ميل، وأعجبتني فكرة الرسائل البريدية الخاصة، إذ أن مفعولها مثل مفعول الكتابة اليومية، لكنني أشاركها مع شخص آخر، وبالتالي يؤثر اختيار الكلمات على جودة المخرجات، ومنها تعلم نفسك اختيار الكلمات التي تقولها لنفسك، فتترفق بها وتربت عليها وتحافظ على علاقة داعمة معها. أما التواصل مع الآخرين فقد ذهبتُ قبل مدة إلى مقهى ينظم لقاءات مقابل سعر القهوة أو المشروب الذي تطلبه، ما لفتني أن معظم الحضور في منتصف العمر، فتشجعت لحضور دردشة مفتوحة يديرها الشخص الذي ينظمها، وددتُ لو كان هناك انضباط أكثر، إذ يبدو أن معظمهم يعرفون بعضهم مسبقًا، فكان الحوار يميل للمزاح وللضحك الذي لا يساعد الغرباء على المشاركة في السياق دون الشعور بالغرابة بينهم. وفي مرة قررتُ تجاهل قناعاتي في السهر وفي الأماكن التي تقدم المعسل أو الشيشة، وذهبتُ مع بنات خالتي إلى سهرة حضرمية في أحد اللاونجات القريبة، كانت تغييرًا كبيرًا ومفيدًا لي، لكنني أستصعب تكرارها هذه الأيام، ربما في وقتٍ لاحق.

أحب الهدوء والسكينة في أيامي، أحب عندما تنتابني الرغبة في تجربة وصفة جديدة للغداء بدل الأطباق المعتادة، أحب لحظات المساء عندما تنام ابنتي وأشاهد حلقة جديدة من مسلسل مفضل، أحب عندما أنتج حلقة بودكاست جديدة، أو عندما انشر تقريرًا جديدًا على تيكتوك (@interesting.repo)، أحب التسليم الذي أشعر به عند كل مطب يعترضني، وأحب المفاجآت الربانية الجميلة التي تأتيني بين فترة وأخرى.

قرأت في فترة مضت كتبًا كثيرة عن الأهداف وعن الحياة والتخطيط والأحلام الكبيرة والفيجن بورد، وهي مفيدة لأنها تعطيك دافعًا للتفكير في أشياء جيدة، ومحاولة العمل عليها، لكن في الواقع الأمر مختلف تمامًا، إذ لا يمكنك توقع ما تحمله لك الأيام، ما عليك فعله هو التوقف عن الشعور بالعجز، وبعدم القدرة على تحقيق الأهداف، والبدء في التفكير في إثراء وقتك والبحث عما يجعلك منشغلاً خلال اليوم. أن تأخذ ما يأتيك وتعمل عليه وتبذل جهدك فيه، وتترك ما ليس بيدك، وباختصار شديد؛ تنفتح على الموجود ولا تأسى على المفقود.

إذا فكرت بالرد على هذه الرسالة هنا إيميلي:

Rifaqtravel@ gmail . Com

رأيان حول “لديك رسالة جديدة!

اضافة لك

اترك رداً على غير معروف إلغاء الرد

بدء مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑