هل التدوينات هي آخر الرجال المحترمين؟

أصبحت أقضي وقتًا أكثر مما أريد في مشاهدة المحتوى المرئي على تيكتوك، وفي قراءة القصص المكررة المنتشرة على تويتر، أحيانًا تكون إعلان متخفي، وأحيانًا تكون منقولة لكسب التفاعل، أما تيكتوك فهو منصة للضحك أو التفاخر أو سماع الأغاني بأصوات أصحابها أو غيرهم.

ليست هذه هي القصة!

القصة هي في كون الأشياء غير حقيقية.

حتى الأشياء الحقيقية تغلف بغلاف يجعلها على غير ما هي عليه في الحقيقة.

في تدوينة فؤاد الفرحان اليوم بعنوان “لماذا تواصل الكتابة وبالكاد يقرأ لك أحد؟” قال فيها:

مهما بذلت في إتقان كتاباتك وحرّرتها، فإنّه لا يكاد يقرأ مدونتك أحداً، أو ربما ليس بالعدد الذي تحب. ربما وقع البعض بالصدفة على رابط في تويتر لأحد تدويناتك، أو وصل لها صديق بعدما شاركته ما كتبت عبر رسالة واتساب.

وربما لهذا السبب بالذات تكاد التدوينات تكون هي المنتج الحقيقي الوحيد الباقي اليوم!

حضرتُ إفطاري مع إبريق شاي على كيفي، ثم قلبت في اليوتيوب فوجدت حلقة للدحيح بعنوان “المنظمة السرية التي تحكم الأرض المسطحة”، ولأني من المؤمنين بنظرية المؤامرة فقد شدني العنوان وبدأتُ المشاهدة. لم أكمل الحلقة لأنها كانت أطول من الوقت الذي أقضيه في تناول الفطور، لكنها كعادة حلقاته مسلية وثرية بالمعلومات التي تصدمك في مرحلة ما من الرحلة التي يأخذك فيها.

وعلى سيرة الفطور والمؤامرة فقد اعتقدتُ لسنوات أن وجبة الفطور هي أهم وجبة في اليوم، فإذا بي أقرأ تغريدات لأطباء مشهورين على منصة X قالوا فيها أن هذا الاعتقاد خدعة، فوجبة الفطور ليست أهم وجبة في اليوم، وكلما تأجلت كلما كان ذلك أفضل!

لازلتُ عند رأيي بأهمية وجبة الفطور، فقد تغيرت حياتي تمامًا عندما قررتُ استبدال سندويتش الجبن المعتاد بفطور صحي أكثر، وما أقصده بالفطور الصحي هو أن يحتوي على البروتين مع النشويات والسلطة وقليلاً من الجبن الأبيض وليس السائل. وقد أصبح جسمي يستجيب بشكل واضح لنوعية الطعام التي أتناولها، فأعرف ما يناسبني بغض النظر عن الدراسات العلمية التي تتغير بحسب الموضة الرائجة. فالبرتقال لا يحل مشكلة الهضم، بل شرب الماء على الريق بكميات مناسبة، والخبز الأسمر لا يناسبني رغم تفوقه على الخبز الأبيض عند الأطباء وخبراء الصحة.

هذه الأيام أحاول الاستيقاظ مع الفجر، لكنني أتناول دواء للحساسية يسبب النعاس، فما أن أستيقظ حتى يغلبني مرة أخرى. قررتُ أن أستبدل الدواء بآخر لا يسبب النعاس لكني لم أجربه بعد.

صادفني مشروع بدا لي سهل التنفيذ في البداية، لكنني عملتُ عليه أطول من الوقت المتوقع، بل ووجدته متشعبًا أكثر مما أحتمل. أحب العمل على شيء واحد محدد، وفكرة وجود عدة مشاريع في نفس الوقت تشعرني بالضغط، ولهذا قررتُ الانفصال عنه قليلاً لأكتب عسى أن يصفو ذهني فتتجلى لي الأمور.

قرأت مقالة بالأمس بعنوان “كيف تجعل الناس يعاملونك باحترام”، قرأت الاقتراحات الخمسة عشر المكتوبة فلم تقنعني، لأن الاحترام يكتسب عندما تحترم أنت الآخرين أولاً، فإذا احترمت وقتهم وحدودهم وتفضيلاتهم حتما سيحترمونك. الاحترام الحقيقي ينبع من الداخل، ولا يمكن تزييفه بتصرفات غير حقيقية.

عندما تنتبه للشيء وتسميه باسمه فإنك تستطيع اتخاذ إجراء حياله، أو على الأقل الوعي به وبما تفعله بنفسك فيكون لك الخيار إما الاستمرار أو التوقف. وعندما ننتبه لتحيزاتنا وتفكيرنا وسلوكياتنا فقد تكون حياتنا أفضل، أفضل بشكل حقيقي وليس كما يظهر لنا على شاشة الجوال.

رأيان حول “هل التدوينات هي آخر الرجال المحترمين؟

اضافة لك

  1. عندما تنتبه للشيء وتسميه باسمه فإنك تستطيع اتخاذ إجراء حياله، أو على الأقل الوعي به وبما تفعله بنفسك فيكون لك الخيار إما الاستمرار أو التوقف. وعندما ننتبه لتحيزاتنا وتفكيرنا وسلوكياتنا فقد تكون حياتنا أفضل، أفضل بشكل حقيقي وليس كما يظهر لنا على شاشة الجوال.

    هذه الفقرة تعتبر فقرة ايقونية، سأحتفظ بها، و صباح الخير.

    إعجاب

أضف تعليق

بدء مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑