موضوع قديم

أجد أنسي في مجتمع وورد بريس، في التدوينات الحقيقية التي يجتهد أصحابها في نظمها وترتيبها وتحري جودتها لأجل أنفسهم أولاً. بعضهم يخبرني عن مكنونات نفسه وحواراته الداخلية، وبعضهم يشركني في الأمور التي استفاد منها أو استمتع بها، وبعضهم يشاركني أحداث يومه ببساطة، وبعضهم يطلعني على معلومات مفيدة من خبرته ومجال تخصصه. وأقربها إلى نفسي من كل ما فات هي تلك التي تحكي لي أحداثًا ومواقف وتقص عليّ القصص من الواقع تتعلق بالفكرة التي يعرضها صاحبها. شكرًا لكم نفر نفر.

”لقد وجدت من خلال سنوات عملي أن المزج بين العام والخاص مزجًا فعالاً هو أفضل طريقة لتظل الفكرة عالقة في الذاكرة. يعني أن تقديم الفكرة العامة مقترنة بحوادث شخصية، تقوي الفكرة وتعطيها مغزى إنساني، ومن ثم تستدر التعاطف من المستمعين، مع قدر لا يستهان به من المرح.“

د. جلال أمين.

بين العادات والإنتاجية

في الأيام الماضية كنت أجد ركودًا في نفسي يمنعني عن القيام بالمهام العالقة، فينقضي يومي وأنا أقرأ أو أتصفح الجوال أو أشاهد مسلسلاً فقط لكي يمر الوقت. أتصفح المقالات التي تتحدث عن الإنتاجية وعن قاعدة العشر دقائق أو كسر الجليد وعن العادات الذرية، ثم أغلق المقالة وأعود إلى ما كنت عليه.

أعتني بابنتي الصغرى طوال اليوم، حتى أنني نسيت كيف كنت أعيش أيامي بدونها. كيف أملأ وقتي، وكيف أستمتع به. ما الذي يبهجني وما الذي يجعل يومي مختلفًا. أحاول أن أستلهم أفكارًا من تجارب الآخرين، أجد بعض المقالات التي تتحدث عن تلك التجارب، تحاول أن تصبغها بصبغة شخصية، لكنني ألمح روحًا أجنبية تحجبني عن التواصل معها.

تمتلئ السماء بالغيوم، وتهب نسمة منعشة، فيخرج أهل المدينة كلهم إلى البحر.  نشتري غداءنا بنية تناوله على الشاطئ، فتطالعنا زحمة السيارات قبل أن نصل هناك، نبحث في قوقل ماب عن حديقة حي قريبة، نوقف السيارة وننزل بطعامنا، تلعب البنات بالمراجيح بينما أستمتع بالهواء المنعش والسير على العشب الندي.

قناع

قبل أيام صادفتُ بيانًا لأحد الشخصيات المعروفة يوضح فيه ضلال شخص مؤثر على تويتر. يشيب الرأس مما تقرأ، ورغم أنني لا أتابع ذلك الشخص إلا أنني أصادف بعضًا من كتاباته التي تثير الإعجاب من سلامة الفهم والذوق ورقي الأسلوب والمعنى. ورغم معرفتي بوجود أشخاص من هذه النوعية، تلك التي تظهر للآخرين خلاف واقعها بالمرة، إلا أنني لم أصدق في البداية، ثم طالعتني بعض الإثباتات من مصادر أخرى. قضيت ليلتي مع كوابيس صنعها الخوف، الخوف على أبنائي وعلى نفسي وعلى بنات المسلمين وأبنائهم، ألهذا الحد يمكن أن نخدع في الآخرين؟ ألهذا الحد يمكن أن يبلغ بأحدهم الخبث والنفاق فلا نشك لحظة في سوء نيته ومخبره؟ حفظنا الله وإياكم وسخر لنا الطيبين من خلقه.

لا تنتظر

في تدوينة عائشة وعنوانها “سر حبنا للمطر” تقول أن خلاصة كتاب السماح بالرحيل يتلخص في فكرة مفادها “أن لا تنتظر شيئًا ولا تجعل ما تريده يسيطر على أفكارك بل اهدأ واشغل نفسك بشيء اخر فكل الأشياء تكره من ينتظرها ويترقب وصولها بشدة”. تذكرتُ تفسير الشيخ الشعراوي للآية 80 من سورة يوسف: “فلما استيأسوا منه خلصوا نجيًا”، يقول: ” يقال: ” يئس ” أي: قطع الأمل من الشيء، وهم لم يقطعوا الأمل فقط، بل استيأسوا، وهو أمر فوق اليأس.
فهم -أي إخوة يوسف عليهم السلام- قد أخذوا يُرقِّقون كل ألوان المُرقِّقات؛ ولا فائدة؛ وكلما أوردوا مُرقِّقاً؛ يجدون الباب أمامهم مُوصَداً.

وكأنهم بذلك يُلِحُّون على اليأس أن يأتيهم؛ لأن الظروف المحيطة والجو المحيط لا يحمل أي بارقة أملٍ، وكلما تبدو بارقةُ أملٍ ويطلبونها يجدون الطريق مُوصَداً؛ فكأنهم يطلبون اليأس من أن يأذن يوسف بسفر أخيهم بنيامين معهم في رحلة العودة إلى أبيهم.”

ربما علينا أن نستيئس من بعض الأمور، عسى الله أن يأتينا بهم جميعًا.

متع خارج السيطرة

أرغب في أن تكون الأمور تحت السيطرة، فإذا لمست عادة تجعلني أتناول الحلوى فإنني أوقف نفسي عنها قسرًا. وهذا حالي مع قهوة العصرية. قررت أن أتغاضى عن رغبتي في السيطرة اليوم وأصنع لي قدحًا من القهوة، أشربها مع ما تبقى من مفن ماكدونالدز الذي اشترته لي ابنتي قبل أيام. تشم رائحة القهوة، فتترك الجوال طامعة في قليل من الشوكولاتة، أفتح قرطاس الكيتكات وأعطيها قضمة، تعود إلى مكانها راضية، لتكمل مشاهدة الفيديو الذي تركته من أجل قضمة تضيف إلى وقت المتعة متعة من نوع آخر.

مقهى هايد آوت

يوم السبت استيقظت وأنا أفكر بالخروج وترك الصغيرة في رعاية أختها. دخلت لأغسل وجهي واستقر رأيي على تناول الإفطار وقضاء بعض الوقت مع دفاتري وأفكاري. خرجت فإذا بها تأتيني راكضة ضاحكة ثم تستدير متأكدة أنني سأتبعها إلى “غرفتنا”. لم يطاوعني قلبي على تنفيذ الخطة وترددت قليلا ثم فكرت أنني لو كنت بخير فستكون هي بخير، وإن ساءت الأمور معي فستتأثر بذلك، فقررت تنفيذ ما عزمت عليه. ذهبت إلى مقهى أزوره لأول مرة، قرأت أنه يقدم الإفطار والحلى والقهوة. مقهى واسع يمكنني الجلوس فيه بعيدًا عن نظرات العاملين فيه أو الزوار، ذهبت هناك وطلبت كروك مدام وشاي أسود. تناولت إفطاري ثم أخذت دفتري أقرأ فيه وألهمني ببعض الأمور التي بثت فيني روح الحماس المفقودة، فكتبت قائمة بأشياء أود فعلها بعد استيقاظي من النوم صباحًا.

نروق شوية؟

لم أكن قد سمعت أغنية بهاء سلطان الجديدة: “تعالى ادلعك” عندما شارك أحدهم رابطًا على تويتر لفتاة زي الفل تجلس في المقعد الأمامي للسيارة، وتضرب بالطبلة على إيقاع الأغنية وتغني مندمجة مع بهاء، ذلك النوع من الاندماج الذي تشعر ببهجة صاحبه فتفيض لتغمرك معه. بحثت بكلمات الأغنية فتوصلت إلى فيديو الأغنية الأصلي على يوتيوب، ثم علمت أن الأغنية كتبت ابتهاجًا بالصلح وعودة المياه إلى مجاريها بين بهاء سلطان ونصر محروس، بعد خلاف امتد لسنوات طويلة.

رأيان حول “موضوع قديم

اضافة لك

  1. (تحاول أن تصبغها بصبغة شخصية، لكنني ألمح روحًا أجنبية تحجبني عن التواصل معها) هذا بالذات ما أشكرك على قوله بهذا الوضوح، مر وقت طويل دون أن أستطيع أن أصل بشعوري إلى صيغة تترجمه، وهذا بالضبط ما يُؤلم وقت الحاجة إلى خطوة فعلية، ولكن الدوافع فاترة جدًا أو مضببة.
    خفيفة يا بسمة والله، أقرأ لك أكثر من تدوينة وأشعر بأني أحلق لا أني أنتقل. السماء هي هي؛ رحبة. الشكر لك مردود لما تكتبينه فتجمعين به بين اليوميات، القصص، التوصيات ومن خلف ذلك أم حنونة مؤنسة💖

    إعجاب

    1. أسماء ❤️ أنت من الناس اللي تدويناتهم صادقة وحقيقية وقريبة من القلب. تخليني أفكر في مناطق عميقة، حول نفسي وحول المجتمع والثقافة والناس. أحيانا أضحك وأحيانا أغضب وأحيانا أندهش وأحيانا أتساءل، وكل ذلك قد يكون في تدوينة واحدة.
      أنت أحد مصادر الأنس الثرية هنا فشكرًا لك💜❤️

      Liked by 1 person

أضف تعليق

بدء مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑