الصامتون

في مثل هذه الأيام، قبل سنوات بعيدة، في تلك المدينة الصغيرة، استيقظتُ مبكرة.

عادة جديدة اكتسبتُها ضمن عادات أخرى كانت بعيدة عن عيني وعن يدي.

انطلق الأولاد للمدرسة، وجلستُ على مكتبي بعد تناولنا الإفطار. انضمت إلي ابنتي التي أكملت الثانوية، ولم تلتحق بالجامعة بعد. بدأت تحدثني بحماس عن تايلور سويفت عندما استضافت فيبي “بطلة مسلسل فريندز” لتغني في حفلتها. وجدت القصة ممتعة رغم أنها ليست ضمن اهتماماتي، فاقترحت عليها أن تكتب القصة في مدونة، ترددت قائلة أن كل الناس تعرف القصة، ونشرتها كثير من المواقع. قلت أنا لا أعرفها، ولن أهتم بالبحث عنها لكن هناك أناس سيهتمون.

عمر مدونة خديجة الآن سبع سنوات، في كل خميس تدوينة جديدة، التزمت بنصيحتي لها في الاستمرار، رغم أنها نصيحة صعبة، أنا شخصيا لم ألزم نفسي بها.

كل عام وخديجة ومدونتها بخير وصحة وسعادة واستمرار.

أقرأ هذه الأيام كتاب “مُت فارغًا”، يحاول مؤلفه تود هنري الإجابة على السؤال الذي طرحه في بداية الكتاب، وهو: “كيف تعطي الفرصة لنفسك كي تطلق للعالم أفضل أعمالك وأكثرها قيمة؟”

وهنا أتذكر سائق صديقة ابنتي الذي كلما طلبت منه التوجه للبحر يقول لها: ايش فايدة؟

تقفز الأفكار التي لا أحبها أمامي بين الحين والآخر.

وا أسفاه على من لا يغنون أبدًا، وإنما يموتون وقد جثمت في داخلهم كل موسيقاهم.” -أوليفر وندل هولمز

ظهرت لي مقالة بعنوان: “خمسة أشياء يمكنك فعلها بالكتب القديمة“، يمتلئ مدخل منزلي بكراتين من الكتب التي فكرتُ في التخلص منها قبل فترة. مجموعة ستذهب لمكتبة خيرية، وأخرى الخاصة بزوجي ستذهب لطلبة العلم. ومجموعة لبيت والدي، ومجموعة أود الاحتفاظ بها، لكني وضعتها في كراتين تحسبًا. عندما وجدت المقالة سارعت لقراءتها، فكانت تقترح أن نحول الكتب لشيء آخر، وأخذ الإلهام من بنتريست، أو بدء نادي لمبادلة الكتب مع الآخرين، أو بإهدائها لصديق أو قريب تعتقد أن اقتنائها سيسعده، أو بوضعها في المكتبات الصغيرة المجانية المنتشرة في زوايا الأحياء أو المباني العامة أو المقاهي. فكرت في مكتبة كهذه فلم أتذكر سوى مكتبة في مقهاي المفضل في المول القريب. بحثت عن الموقع الإلكتروني للمقهى فلم أجد، لكنني تواصلت مع حسابهم على انستجرام أسألهم عن موقعهم الإلكتروني أو بريد شخص من الإدارة يمكنني التواصل معه.

وصلني إيميل من تطبيق عربي يودون عمل شراكة لنشر البودكاست عندهم. نص الإيميل أثار اهتمامي، كان مرتبًا ومفصلاً، لكنني تأخرت في الرد، وبعد مدة وصلني تذكير على نفس الإيميل بكلمة واحدة بالإنجليزية واللون الأحمر العريض:

Reminder

قررت عدم التجاوب معهم. تلقيت نفس الرسالة للمرة الرابعة قبل قليل. كنت محقة في عدم تجاوبي.

في تلك الأيام قبل سبع سنوات أتذكر أنني كنت سعيدة. الطمأنينة والسكينة التي كانت تغمرني لم أشعر بها في أي وقت من حياتي. كانت لدي مشاكل بالطبع، ولا أعرف السبب الحقيقي للشعور بالسكينة. أود أن أشعر بالسكينة الآن وفي كل وقت. أود لو أملك الخلطة السرية لها وأتناولها كل ليلة قبل النوم وبعد الإفطار.

يقول: “ياليتني أملك الأفراح وأتصرف بها وحدي، وأعرف كم بقي لي جراح، وكم ساعة هناء عندي“، هل لو عرف سيرتاح؟

عندما نفقد الأشياء المضمونة نتفاجأ: كيف لم نقدر قيمتها في وقتها؟

ننسى الأوقات الصعبة، وننسى المشاكل، وننسى الظروف التي أثرت فينا وحرمتنا من بعض ما نتمنى. ونتحسر على تلك الأيام. أحب أن أستمتع بطعم ما أملك، لا أن أتحسر على ما فات وذهب. لكننا نشتهي، وتجري الرياح بالعكس.

يقول المتنبي في نفس القصيدة:

لا تلقَ دهرك إلا غير مكترثٍ  مادام يصحب فيه روحك البدنُ

فما يديم سرورٌ ما سُررتَ به   ولا يردُّ عليك الفائتَ الحزَنُ

بعد مقالة الكتب القديمة، لمحت مقالة تتحدث عن كيف تعيد لنفسك توازنها واستقرارها في 4 نقاط مختصرة:

  • ابحث عما يثير قلقك، وابذل جهدك في المناطق التي تحت سيطرتك ويمكنك عمل تغيير فيها.
  • اكتشف الأشياء التي تهمك وتضيف لك قيمة وعش حياتك وفقًا لها.
  • أوجد صلة أو رابط بينك وبين الناس من حولك، حتى الذين لا تتفق معهم.
  • كن واعيًا للحظة التي تعيشها.

أتمنى يكون فرحكم دايم وتقدروا تقولوا للحزن من أنت؟! توكل روح يا ظالم.

أغنية أنت محبوبي، محمد عبدو.

رأيان حول “الصامتون

اضافة لك

أضف تعليق

بدء مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑