مواني

أحب أن أستمع لمصطفى حسني.

في تدوينة الصامتون، تساءلت عن خلطة السكينة، وبالأمس صادفني فيديو له على اليوتيوب بعنوان السر الأعظم للسكون وإحساس الطمأنينة، شرح فيه الحديث القدسي: “عبدي أنت تريد، وأنا أريد، ولا يكون إلا ما أريد، فإن سلمت لي فيما تريد كفيتك ما تريد، وإن لم تسلم لي فيما تريد أتعبتك فيما تريد، ولا يكون إلا ما أريد.” الرضا وإحساس الكفاية عندما نسلم لله، أما عدم التسليم فيورث المرارة تجاه تقديرات الله، وتفكر أنك لو كنت مالك أمرك لفعلت كذا وكذا، وعلامة الإحساس بالمرارة شكوى الله (الدنيا والدهر والظروف والأحداث) للناس. ثم ذكر مقولة لسيدنا يحيى بن معاذ رضي الله عنه: “لن يبلغ العبد مقام الرضا حتى يقيم نفسه في أربعة مقامات: إذا أعطيتني قبلت، وإذا منعتني رضيت، وإذا تركتني عبدت، وإن طلبتني خدمت.” فالتسليم والرضا جائزته السكون والطمأنينة وهذه هي جنة الدنيا والآخرة.

أحب أن أسمع له لأنه يجيب عن الأسئلة الصعبة، والشكوك، والتشوش، بالاعتماد على أساس واضح، وهو: ماذا يقول لنا ديننا في هذا الموضوع؟ من زاوية السعة والحزم واللطف. بلا مبالغة أو استسهال.

*رابط قناة مصطفى حسني على اليوتيوب: https://www.youtube.com/c/MustafaHosny/videos

الأندومي الأسطورة

في مرة قررت الخروج مع الأولاد لمطعم بسيط يحتفي بالعائلة والأطفال، فبحثت في تطبيق قوقل ماب ووجدتُ مطعم في مجمع للمطاعم بحي قريب، ولديهم منطقة ألعاب للأطفال مغلقة بسبب كورونا. استعنتُ بالله وقررتُ تجربته للمرة الأولى.

كانت الواجهة توحي بصغر المكان، لكننا تفاجأنا بأنه فسيح من الداخل، والطاولات تتوزع فيه براحة وانشراح. أخذنا أماكننا حول الطاولة ولفتت أنظارنا مجموعة كبيرة من الكرات الملونة مختلفة الأحجام والألوان تغطي السقف المرتفع وتضيئه. طلبنا أطباق متنوعة من البيتزا والمكرونة، كان أحدها طبق كونغ باو سباغيتي بالجمبري، وهي مكرونة مطبوخة على الطريقة الصينية، سباغيتي مع جمبري مقلي مع الفلفل الرومي الملون وصوص الصويا. طلب الطبق أحد الأولاد ولما جربته بقي طعمه في فمي أيامًا عديدة بعد ذلك.

قررت أن أبحث عن الوصفة على الإنترنت وأعدها للغداء، وطفّشت أولادي من كثر ما أعدها لهم، وفي مرة قررتُ أن أستبدل مكرونة اسباغيتي بالأندومي ويا للعجب! أصبح الأولاد يطلبونها باستمرار، وبنات خالاتي وخالاتي كذلك. رغم أن الكبار لا يفضلون الأندومي. لكن خلطة الخضار مع الأندومي كانت المزيج السحري الذي ارتقى بالوصفة لتعجب كل الأذواق.

تربع على العرش

قبل مدة رأيت كتابًا حول مصطلح “هوو-جه أو  hygge“، قرأت عنه فوجدت أنه مفهوم دنماركي يعني البساطة والراحة والرفاهية، وقد أصبح هذا المفهوم ظاهرة عالمية بعد الدراسات التي وجدت أن الدنمارك الاسكندنافية تضم أسعد الناس على وجه الأرض.

hygge = مشاركة لحظة دافئة مع من تحب، أو ما تحب

البساطة والدفء والعناية بالذات هي نمط حياة يتجاوز المظاهر. لكن دلالاته تتجسد في الديكورات المريحة والألوان الخريفية وبطانيات الصوف وأضواء الشموع والمدافئ المشتعلة والثلوج المتساقطة بلطف في الخارج. يعج إنستجرام بصور كثيرة تعطيك هذا الإيحاء الدافئ.

**معلومة: يحرق الدنماركيون أكبر عدد من الشموع للفرد في أوروبا، ما تعادل قيمته 13 جنيهًا إسترلينيًا في السنة، أي ضعف النمساويين الذين يقعون في المركز الثاني.

ثم في وقت ما قرأت عن مصطلح “إيكي جاي أو ikigai”الياباني، ويعني السعي لإيجاد الهدف والتوازن في الحياة، بعكس نمط الحياة الدنماركي الذي يقدس الراحة والرفاهية، يشجع الإيكيجاي على التواصل والعثور على وجهتك بدل التحصن في موقعك الآمن.

وبحسب الإيجاي فإن هذا التوازن يوجد عند تقاطع أربعة عناصر أساسية في حياتك:

  1. ماذا تحب؟
  2. ما الذي تجيده؟
  3. ما الذي يمكنك الحصول عليه مقابل القيام بما تجيد؟
  4. ماذا يحتاج العالم؟

فتنتني هذا المسميات وتفاصيلها والأفكار التي تعبر عن هوية كل منها، فبحثت أكثر ووجدت أنماط حياة أخرى:

  • Lagom: الفن السويدي للعيش في حياة متوازنة وسعيدة. ويعني العيش بطريقة أكثر راحة وتوازنًا، وإيجاد الوقت للأمور الأكثر أهمية. تجسد هذا المصطلح في معاني مختلفة اعتمادًا على الموقف والسياق. يمكن أن يعني “الأقل هو الأكثر” في التصميم الداخلي أو “الاستدامة” في خيارات أنماط الحياة.
  • Ubuntu أووبونتو مفهوم أفريقي يعني “الإيمان برابطة عالمية تربط البشرية جمعاء، فكلنا إخوة في الإنسانية”. المفهوم له جذوره في الفلسفة الأفريقية . على وجه الخصوص، ثقافة الزولو في جنوب إفريقيا حيث يقدس مفهوم المجتمع. بدون الشعور “بالعمل الجماعي” لا يمكن أن يكون هناك مجتمع.
  • Fika السويدية وتترجم على أنها “استراحة لتناول القهوة والكعك”، رأيت المصطلح لأول مرة في مطعم إيكيا، ولم أفهم أنه يحتمل معنى أكثر من المعنى الظاهر. يفسر أهله المعنى بأنه حالة ذهنية وموقف وجزء مهم من الثقافة السويدية. فمن الضروري تخصيص وقت للـ fika كل يوم. يعني تخصيص وقت للأصدقاء والزملاء لمشاركة فنجان من القهوة (أو الشاي) وبعض الطعام.
  • وابي سابي: مفهوم ياباني يتلخص جوهره في حكمة الطبيعة والبساطة جنبًا إلى جنب مع جمال العمر والعيوب وعدم الثبات. إنه شعور يوجهنا لطريقة عيش أكثر إشباعًا وذات مغزى قائمة على الأصالة. ويدعو للتخلي عن فكرة الشباب والحداثة والكمال وإعطاء قيمة للحكمة والجمال المكتسبين من النضج والصعوبات وفوضى الحياة.

بالأمس شاهدت فيديوهات قصيرة على تيك توك لشخص يدعى ليام، يشيد ببعض المظاهر التي يحبها في جدة حيث يعيش، فيصور المصلى المتنقل على طول الواجهة البحرية، ويشرح كيف تفرد السجاد ثم تعيده إلى مكانه بكل سلاسة بعد انتهاء الصلاة، وفي فيديو آخر يصور كرتون ماء موضوع في وسط الممشى متاح لكل من يريد شرب الماء في هذا الجو الحار والرطب من العام.

قرأت مرة مقالة تقول لا تتكيف وتندمج مع محيطك، حدد ما يجعلك مختلفًا، ثم ركّز عليه.

لتكون ناجحًا ليس عليك تغيير هويتك، بل تمسك بها أكثر وأكثر.

سالمة*

أدرت مفتاح السيارة استعداداً للانطلاق، فإذا بسيدة عجوز تطرق بعصاها الباب تسألني أن أقلها معي إن كنت سأقود باتجاه الحديقة آخر الشارع، فهي ذاهبة إلى هناك ومنهكة من المشي والحر الشديد. أجبت بالنفي؛ ليس لأنه عكس طريقي بل لأنني خفت أن تكون حيلة جديدة للنصب. فقالت شكرا وذهبت. ورغم كل إشارات التحذير الحمراء التي أطلقت في عقلي إلا أنني ضربت منبه السيارة وأشرت لها لتصعد، وأوصلتها لوجهتها سالمة.

في اليوتيوب “شلة” من منتجي المحتوى المتخصص بتحري الأوضاع الراهنة في العالم وربطها بعلامات الساعة. محتوى يجعلك تلم أولادك في بيتك وتشتري مؤونة كافية وتغلق على نفسك البيت. وربما تغلق النوافذ بتغليف لاصق كما فعلنا أيام حرب الخليج في التسعينات. ولو كانت لديك موارد أكبر لحفرت خندقًا تحت البيت، وجهزت عدة البقاء من بطايارت وأجهزة تنقية المياه وأعواد ثقاب والكثير من المعلبات طويلة الصلاحية. ومن ناحية أخرى هناك شلة أخرى مهتمة بانهيار المجتمع أو الحضارة الحديثة، يتناولون نفس الموضوع من زاوية أخرى. لكن النتيجة واحدة: الإعداد للنجاة من كارثة عالمية وشيكة.

يقول:
بعيني انا شفت البنية حالمة
تضرب برمش تصيب وتعمل نائمة
كلمتها بالحب قالت لي: انا
ما اعلم طريق الحب. وهي عالمة
ياسالمة ياسالمة

لا أدري لماذا افترض أنها تقصدت لفت نظره ورميه بالسهام الجارحة، بينما تداوي بنظراتها جرح البارحة وهي هايمة! أنا أظنها كانت سهتانة ولا دارية عنه.

4 رأي حول “مواني

اضافة لك

أضف تعليق

بدء مدونة على ووردبريس.كوم. قالب: Baskerville 2 بواسطة Anders Noren.

أعلى ↑